السلام عليكم ورحمه ..
قال غاندي : " إن الفرق بين ما نفعله ، وما نحن قادرون على فعله ، يمكن أن يحل معظم مشاكل العالم" .
ذلك لأن كل فردٍ منا يقلل من قدر ما يحويه من طاقة ، حتى أنه يفاجأ أحياناً حين يرى أثر طاقته التي كانت خافية عنه .
لماذا أخطط لحياتي :
• لأن الله تعالى حباني بالاستخلاف في الأرض ، ولا يتحقق الاستخلاف دون وضع أهداف لتطوير الحياة ، ثم العيش في سبيل تلك الأهداف .
• لأن الحياة دون تخطيط سير على غير هدى .
• لأنني إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل .
• لأنني إذا لم أضع لنفسي أهدافاً أستثمر طاقتي فيها ، فسيستثمر الآخرون طاقاتي لمصلحتهم هم ، حتى وإن تعارضت مع مصالحي .
• لأن كل لحظة تمر بي هي لحظة فريدة إن ذهبت لا تعود ، ودون تحديد هدفٍ لها ستمضي دون فائدة، ثم أسألُ عنها .
• لأن المسلم لا يمكنه أن يعيش في الحياة دون هدف ، فالقيادة والريادة سمة أصيلة في بنائه ، وإن تخلى عنها تخلى عن جزء عميق من معتقده ( وأنتم الأعلون والله معكم ) ( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) .
• الفارق بين الأمة السامية والمتدنية هو فرق التخطيط والتنفيذ ، وكذلك الأمر بين الفرد السامي .. والضعيف
عوائق تحديد الأهداف :
• اعتيادك على التقليل من حجم إنجازاتك السابقة .
• التشكك في قدرتك على تحديد أهدافك وتحقيقها .
• البقاء تحت وطأة الضغوط دائماً .
• الخوف من الأحلام والآمال .
• مصاحبة من يكثر من الحديث عن المشكلات ولا يفكر في الحلول .
• مصاحبة أصحاب الهمم الضعيفة .
• اعتياد التشاؤم ، والوقوف عند أحداث الفشل في حياتك ، والتعاجز عن تحويلها إلى بدايات نجاح . وقد قال توماس أديسون : " الفاشلون هم أناس لم يعرفوا كم كانوا قريبين من النجاح حين توقفوا!! " وقال حكيم صيني : " حين ينغلق أمامك باب الأمل.. لا تتوقف لتبكي أمامه طويلا.. لأنه في هذه اللحظة انفتح خلفك ألف باب ينتظرون أن تلتفت له" . وقال الكاتب العظيم مصطفى صادق الرافعي " ما أشبه النكبة بالبيضة، تحسب سجنا لما فيها، وهي تحتوطه وتربيه وتعينه علي تمامه، وليس عليه إلا الصبر إلي مدة والرضا إلى غاية، ثم تنقف البيضة فيخرج خلقا آخر، وما المؤمن في دنياه إلا كالفرخ في بيضته، عمله أن يتكون فيها، وتمامه أن ينبثق شخصه الكامل، فيخرج إلى عالمه الكامل " .
مستويات الأهداف :
ينبغي التنبه إلى أن الأهداف مستويات متدرجة ينبثق بعضها من بعض ، ويُبنى بعضُها على بعض ، وأول حجر فيها :
الرؤية والرسالة : فلا يمكنك صياغة هدفٍ واحد ما لم تعرف : ما هي رسالتك في الحياة ، ولا يكفيك أن تقول : " إن غاية الحياة عبادة الله " ، إذ ينبغي أن تحدد طريقك أنت في هذه العبادة ، فقد كانت طريق خالد بن الوليد رضي الله عنه " الجهاد " وأحمد بن حنبل " العلم " وبشر بن الحارث الحافي " الزهد " .. والرسالة هي النواة التي تدور حولها حياتك ، وينبغي أن تتسق جوانب حياتك المختلفة معها ، وكلما كان سلوكك أبعد عن رسالتك الخاصة زاد ألمك .
والرسالة تمثل صهراً لمشاعرك العميقة ، وحاجاتك الأصيلة ، ومبادئك الراسخة ، وتضحياتك في سبيل هدفٍ أسمى .
الأهداف الكبرى : هي الغايات التي تريد الوصول إليها بعد فترة زمنية طويلة (خمس ، عشر ، عشرين سنة) ، وهي في حاجة إلى التقسيم إلى :
الأهداف الصغرى : التي يؤدي الحصول عليها إلى القرب من الأهداف الكبرى .
الوسائل : هي السبل التي تسلكها لتحقيق أهدافك ، وكثيراً ما تلتبس علينا الوسائل بالأهداف ، فالحصول على الشهادة العلمية ( مثلاً ) وسيلة للتأثير في الآخرين ، وكثيراً ما نخطئ فنظن الوسائل غايات .
معايير الأهداف الصحيحة :
ثمة عدة معايير لصحة الأهداف المختارة ، من أهمها :
أن يكون الهدف إيجابياً : وذلك بصياغته لكي يعبر عما تريد ، وليس عما لا تريد.
(لا تقل : لا أريد أن أدخن . وإنما : أريد أن أحصل على جسم سليم ، وأن أرضي ربي بترك المعصية) .
(لا تقل : لا أريد أن أكون جبانا خائفاً . وإنما : أريد أن أكون واثقاً من نفسي ، شجاعاً في تحقيق ما أريد) .
وأهمية التعبير بإيجابية أن تستحث الطاقة الإيجابية في أعماقك ، وتعايش ما ترغب فيه ، كما أن التعبير بإيجابية يرسم ما ستكون عليه ، أما التعبير السلبي فيرسم ما أنت فيه وتريد الخلاص منه .
أن يكون الهدف محدداً : فالأفكار العامة خيالات وأحلام ، وإذا حددت الهدف أمكنك قياسه وتحقيقه .
أن تكون أنت المسئول عن تحقيقه ، وليس الآخرون : كثيراً ما يضع الناس أهدافاً معتمدة على الآخرين ، وليس عليهم ، رغم أنهم لا يملكون التحكم في الآخرين، وإنما في ذواتهم . ولذا : اجعل مدار هدفك عليك .
أن يكون قابلاً للقياس : لابد من وجود مؤشرات محددة تعرف من خلالها مستويات تحقيقك لأهدافك ، وإذا لم يكن الهدف قابلاً للقياس فلن تعرف إلى أين تسير .
أن يكون مرناً : قابلاً للتعديل بحسب ما يستجد من أحداث ، والمرونة لا تعني التغير الدائم في أهدافك كلما واجهت العوائق ، وإنما التطور المبني على الدراسة المتعمقة للواقع .
أن يكون مبنياً على الوقائع طامحاً للأحلام : التوازن بين الواقع والحلم ضروري ، فبدون حلم لن تسعى إلى التحقيق ليكون واقعاً ، وبدون الوقائع ستظل أحلامك في خيالك دون تحقق . وكل الإنجازات العظمى كانت أحلاماً استندت إلى العمل الجاد لكي تتحول إلى وقائع . يقول هاري كمب: 'ليس الفقير هو من لا يملك مالاً، ولكن الفقير هو من لا يملك حلمًا'.
أن يكون متوافقاً مع قِيَمِك الأخلاقية : لأنك إن حققت هدفاً يعارض قيمك عشت حياةً مزدوجة الشعور ، مما يؤدي في النهاية إلى تمزقك ما بين القيم والواقع .
أن يكون متوازناً مع جوانب حياتك المختلفة : حتى لا يطغى جانب على جانب ، كالذي يركز على النجاح في العمل وينسى أسرته ، فتكون النتيجة أن لا يعيش سعادة تحقيقه لأهدافه العملية بسبب آلام حياته الأسرية المتدهورة .
أن تكون أهدافك مكتوبة : لأن الفكرة في الذهن تظل هائمة إلى أن تقيد بالكتابة ، ولأن الكتابة مرجعٌ تعود إليه بالتطوير ، وتتذكر كلما رأيتها أهدافك .
خطوات تحديد الأهداف :
لا يمكن تحديد الأهداف دون التعرف على قدرات النفس .
كيف تتعرف على قدراتك :
o فَكِّر في تاريخك الماضي كله ، وانظر إلى :
o أكثر الأعمال التي عملتها أو عملها آخرون تأثيراً فيك .
o العمل الذي كنت تشعر بالراحة وأنت تمارسه .
o العمل الذي كنت تمارسه بإبداع .
o الأعمال التي كان يرى المقربون منك أنك مبدع فيها .
o النماذج التي رأيتها وتمنيت أن تكون مثلها.
o لا تحتقر قدرةً من القدرات حتى لو كانت " حسن الابتسام " ، " الطريقة المهذبة في الحديث " ، فلكل قدرةٍ فائدة ، وكل قدرةٍ تناسب عملاً محدداً.
o اسأل نفسك سؤالاً : ما هو العمل الذي لو مت بعد تحقيقه لشعرت أني أديت ما كنت أتمنى تحقيقه . مثلاً : إذا كنت تتمنى أن تكون عالماً شرعياً مؤثراً في الناس ، ثم سرت في طريق التجارة وأصبحت رجل أعمال ، وتركت الدراسة العلمية . أنت هنا حققت الكثير على المستوى المالي ، ولكن أملك الحقيقي السابق ( أن تكون عالماً مؤثراً ) لم يتحقق ، وستشعر حين ترى من حققه " بالنقص " .. والعكس صحيح .
o اسأل من يعرفونك عن أفضل قدراتك ، وعن الأعمال الأكثر ملاءمةً لك ، واستفد من تصوراتهم عنك .
كيف تصطاد أحلامك ؟
• احصر آمالك في مراحل حياتك المختلفة ، وعلى مدى سنوات عمرك واحدة واحدة . وستجد في النهاية عدداً من الآمال والأحلام المرتبطة بكل مرحلة عمرية.
• استبعد الأفكار التي وجدتها غير ملائمة لك ، أو كنت مدفوعاً إلى التفكير فيها من خلال الآخرين .
• انظر إلى ما بقي لك من أفكار ، واطرح سؤالاً : هل هي متعارضة أم متفقة ؟
• إذا وجدت ان ظاهرها التعارض فاسأل : هل يمكن أن تكون متفقة في العمق ؟
• إذا وجدتها متعارضةً فاسأل : هل يمكن أن أحققها جميعاً ، ولكن بصورة مرحلية ، بحيث يكون لكل هدف مرحلة زمنية خاصة به ، أنتقل منه إلى الذي يليه ؟
• قال نيتشه : لا يخرج عظيم إلا من عباءة عظيم . ابحث عن النموذج الذي تتمنى أن تكونه ، وهذا سيسهل عليك عملية تحديد أهداف الحياة كثيراً ، لأنك بدلاً من أن تفكر في قضايا فكرية مجردة ، تفكر وفي ذهنك نموذج واقعي ترغب في أن تكون مثله ( سواء كان هذا النموذج من واقع حياتك المعاصرة ، أو من الشخصيات التاريخية في المجال المحبب لك ) .
وبهذا تكون قد توصلت إلى الإجابة عن سؤال : ما الغاية ؟
عملية التخطيط :
تحتاج في تخطيك لأهدافك حياتك إلى :
• جمع المعلومات الكافية عن حياتك ، ولعل كلمة " جمع المعلومات " غريبة إذا تعلق الأمر بك ، فنحن نظن أننا نجمع المعلومات عن الآخرين لأننا نجهلهم ، أما " ذواتنا " فنحن نعرف عنها ما يكفي .. وذلك خطأ ؛ لأنك في حاجة إلى مراجعة لحظات عمرك المختلفة لتذكر كثير من الأحداث والأفكار التي تاهت من الوعي إلى الذاكرة العميقة ، ويكون استحضارها بالنسبة لك عملاً شاقاً يحتاج إلى مزيد تأمل .
• تحليل هذه المعلومات وتقسيمها إلى عناصر (مثل : القدرات ، الأحلام ، السلبيات ، العوائق التي مررت بها .. الخ)
• تحديد الغاية الكبرى التي تريد الوصول إليها بعد سنوات .
• تحديد الغايات الصغرى التي يوصلك تحقيقك إياها إلى الغاية الكبرى .
• معرفة الأشخاص ، والأشياء ، والوسائل ، والبيئات ، التي يمكن أن تساعدك في تحقيق أهدافك المرحلية والنهائية .
• معرفة العوائق التي يمكن أن تعرِض لك ، والتخطيط المسبق لمواجهتها .
• تحديد زمان ومكان تنفيذ العمل ومراحله وخطواته .
• معرفة عواقب تحقيقك للهدف ( ما الذي سيحدث لي ولمن يهمني إذا حققت هدفي ) والتأكد من رغبتك في هذه العواقب واستعدادك لها .
• تخيل هدفك ، وعايشه لحظة لحظة وكأنما حققته ، واستثمر بذلك القوة الفائقة للخيال الخلاق .
• تحديد المعايير التي ستعرف بها تحقيقك لكل هدف جزئي .
• وضع آلية للتقييم .
• استفد من الخبراء والحكماء في كل الخطوات السابقة ، ولا تكتفِ بما تعرفه أنت فحسب .
سنة التدرج :
أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ . و " قليل دائم خير من كثير منقطع " .
ومهم جداً أن تعرف أن الوصول إلى أهداف حياتك لن يتم في يوم أو أيام قليلة ، ولن ينتهي بانتهاء التفكير فيه ، وإنما هو عملية مراجعة ، وتأمل ، واستشراف للمستقبل ، ينبغي أن تنال الوقت الكافي لها ، ثم ينبغي أن تكون عملية متصلة دائمة ، لا تتوقف. وأن تتعامل فيها مع الزمن بحكمة .
ترتيب الأولويات :
• الأهداف ليست متكافئة في القيمة ، ولذا ؛ لابد أن تحدد قائمة أولوياتك ، بحيث تقدم الأهم . وتحديد الأهم قائم على درجةِ فهمك لرسالتك ، وأهدافك الكبرى ، وأهدافك الصغرى ، ووسائلك . وهو معتمد على فكرة المقاصد الشرعية في تقسيم الأشياء إلى " الضروريات ، والحاجيات ، والتحسينات ".
• فرِّق بين المُلِحِّ والمهم ، فكثيراً ما نشغل أنفسنا بأعمال ملحة ، ولكنها غير مهمة ، ولولا إلحاحها لما كان ينبغي أن ننفق الوقت فيها. مكث الإمام ابن جرير الطبري الذي مكث أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة حتى أنه رحمه الله كتب ما يقرب من خمسمائة وأربع وثمانون ألف ورقة [584000]. ( هل كان يمكن أن ينتج هذا كله ، لو ركز على الأحداث الملحة عليه ، ولم يحاول تحقيق ما يريد ؟؟).